دير صيدنايا
موقع صيد نايا :
تقع صيدنايا على خاصرة إحدى التلال في جبال القلمون تتدرج بيوتها حول دير كبير اشتهر في الشرق المسيحي منذ تأسيسه عام 547م. وقد أثبتت الوثائق الأثرية أن بلدة صيدنايا كانت تسمى (دانابا) وأن الذين كانوا يسكنونها قبل العرب واليونان هم الآراميون، ولا تزال لهجة سكانها حتى يومنا هذا تميل نحو المخارج اللفظية الآرامية كما لا تزال أراضيها تحتفظ بأسماء آرامية مثل (حويا)، (شرنيثا)، (حادابا)، (شاغوره) وهو اسم المقام الديني في دير صيدنايا.احتل اليونانيون صيدنايا في أواخر القرن الرابع وقد ظلت الروح والثقافة واللغة يونانية، ولم يتغير اسم صيدنايا، وأبقوا على المعبد القديم دانابا وأصبح معبداً للشمس وحفروا فيه مدفناً لكهنة المعبد (مغارة الأصنام هي مدافن زينت بالتماثيل، وفيها ستة وعشرون قبراً في أرضها الصخرية. وكان لكل قبر غطاء من بلاطة واحدة، ولكن تلك الأغطية كلها مفقودة، وعلو المقبرة متران ونصف.. ومن الكتابات اليونانية المحفورة في الصخر يتبين تاريخ هذا المدفن والذي يعود إلى سنة 510 للإسكندر أي سنة 117 للميلاد.
دخلت المسيحية في القرن الأول الميلادي، وبقي اسمها دانابا حتى اعتنق أهلها المسيحية فأصبحت مركزاً لأسقفية كبيرة..وأبدل اسمها القديم باسم صيدنايا والذي يعني الصيد وقد ذكر الاسم في بعض المصادر أن معنى كلمة صيدنايا بالسريانية هو (سيدتنا).
قصة دير صيدنايا:
قصة دير صيدنايا والذي يعتبر ثاني أقدس الأماكن المسيحية بعد القدس الشريف فتقول إن الإمبراطور البيزنطي جوستينيانوس الأول مرَّ بطريقه في صحراء سورية لمهاجمة الفرس، وقد عسكر هناك، ونظراً لقلة الماء فقد ألهث الجنود العطش وفجأة رأى الإمبراطور غزالة فهمّ بصيدها. وبعد مطاردة حثيثة وقفت الغزالة على تلة صخرية وفجأة تحولت إلى أيقونة للسيدة العذراء يشع منها النور.. وخرجت من الأيقونة يد بيضاء مخاطبة الإمبراطور: لا لن تقتلني يا جوستنيانوس ولكنك ستبني لي كنيسة هنا ثم غابت.
وبعد أن أخبر الإمبراطور القصة لمعاونيه أمرهم بوضع تصميم للكنيسة ولم يتمكن المهندسون من الوصول إلى التصميم المناسب عندها عادت العذراء، وظهرت للإمبراطور في الحلم وأرشدته إلى التصميم المناسب والذي يقال إنه نفس التصميم الذي يتخذه الدير الشريف إلى يومنا هذا.
وهناك غرفة صغيرة في الدير، في جدارها الشرقي كوة ذات شبك من الفضة تحتفظ وراءها بأيقونة السيدة العذراء وهي إحدى النسخ الأصلية الأربع التي رسمت بيد الرسول لوقا البشير وتلقب بالشاغوره ومعناها المشهورة أو الذائعة الصيت.
أما وصول الأيقونة إلى الدير فيروى أن حاجاً كان يقصد الأماكن المقدسة في القدس فمر بسورية حيث بقي في دير صيدنايا لليلة واحدة فكلفته رئيسة الدير بأن يشتري لها من المدينة المقدسة أيقونة للعذراء مريم فلما وصل الحاج إلى فلسطين اشترى الأيقونة وعاد بها إلى سورية وفي الطريق كان يستنجد بالأيقونة كلما واجهته الأخطار فينجو منها. ولما وصل إلى دير صيدنايا اعتذر إلى رئيسة الدير زاعماً أنه لم يجلب معه الأيقونة، ولكنه عندما أراد السفر بأيقونته العجيبة شعر بقوة خفية تشده إلى الدير أكثر من مرة وتمنع خروجه من الدير فقرر تسليم الأيقونة إلى رئيسة الدير مخبراً إياها القصة بكاملها. ومنذ ذلك اليوم أصبحت الأيقونة المقدسة ملاذاً للمرضى لتشفيهم وموضع تكريم وإجلال .
وفي أعلى قمم القلمون يقع دير الشيروبيم وهي كلمة آرامية معناها الملائكة وهي مركبة من (الشيروب) أي الملاك والـ(بيم) علامة الجمع.. ويبعد الديرعن دمشق 35 كم وعن صيدنايا 7 كلم بني في القرن الثالث الميلادي نتيجة اضطهاد المسيحيين من قبل الوثنيين وأصبح أنقاضاً في القرن السادس عشر وأعيد بناؤه عام 1982 في عهد البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس.
وصف دير صيدنايا:
يعتبر دير سيدة صيدنايا في سوريا واحدا من أعرق مؤسسات الرهبنة الأرثوذوكسية في الشرق العربي بل وفي العالم المسيحي، وفيه تتواصل حياة الراهبات دونما انقطاع منذ القرن الخامس الميلادي.
يتربع الدير التاريخي في أعلى قمم قرية صيدنايا شمال دمشق في سلسلة أقبية وقاعات حجرية عتيقة تعلوها ثلاثة أبراج تزدان بأجراس الكنيسة.
ومع توالي الأيام تحول الدير إلى متحف كبير يضم عددا كبيرا من الأيقونات والرسومات الجدارية في منتهى الروعة والبهاء مستوحاة من معتقدات المسيحية وتاريخ المكان.
أما أبواب الحجيرات والقاعات فهي الأخرى تبدو لوحات خشبية فنية تزدان بأعمال نثر ونحت أنجزت بدقة فائقة وببراعة
لكن الأيقونة الأهم والتي كانت سببا في تشييد الدير محجوبة عن أنظار الراهبات والزائرين بعدما أودعت في صندوق خشبي مغلق يسمح بمشاهدته عن بعد والتبرك منه والصلاة بجواره.
وهذه هي، كما تؤكد التقاليد، أيقونة السيدة العذراء، واحدة من النسخ الأربع الأصلية للأيقونات التي رسمت بيد الرسول لوقا البشير وتعرف في السريانية بـ"الشاهورة" أو "الشاغورة" ومعناها "ذائعة الصيت". وفي جنبات الدير أودعت كؤوس حجرية وأجاجين فخارية كبيرة كانت تستخدم مخازن للزيت والمؤن.
وفي الدير صيدنايا مكتبة تضم مئات الكتب والمخطوطات الثمينة التي تبين أنه بني في عام 547 على يد الأمبراطور البيزنطي يوستنيانوس الأول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق